هذه أرواح فقدت بسبب هوس الاتحاد الأوروبي بتعزيز الحدود بدلاً من حماية الناس. وماذا كانت التكلفة؟ تسببت سياسات "فورترس يوروب" في مقتل أكثر من ٤٠،٥٥٥ شخصًا منذ عام ١٩٩٣. تُرك هؤلاء ليموتوا في البحر الأبيض المتوسط والمحيط الأطلسي والصحراء، أُطلقت عليهم النار على الحدود، ماتوا انتحاراً في مراكز الاحتجاز، وعُذّبوا وقُتلوا بعد ترحيلهم… لذا أيدي الاتحاد الأوروبي ملطخة بدماء هؤلاء الضحايا.
في قلب كل هذا العنف تقع وكالة الحدود الأوروبية وخفر السواحل "فرونتكس" - قوة شرطة الحدود في الاتحاد الأوروبي. على مدار ١٥ عامًا من وجودها، كانت "فرونتكس" مروّجًا قويًا ومنفذًا رئيسيًا لسياسات أوروبا العنيفة ضد الأشخاص المتنقلين. في معظم الأحيان، اختبأت الوكالة بعيدًا عن أعين الرأي العام. لكن خلال الأشهر الماضية، سلّطت سلسلة من التحقيقات، التي أجراها صحفيون ومجموعات حقوق الإنسان، الضوء على "فرونتكس". وكشفت أدلة كثيرة كيف أن قوة الحدود التابعة للاتحاد الأوروبي متورطة، بشكل متكرر، في عمليات صد غير قانونية وانتهاكات لحقوق الإنسان.
هذه الاكتشافات ليست مصادفات مؤسفة أو سوء تفاهم أو حوادث منعزلة. إنها غيض من فيض، والنتيجة المتأصلة لنظام الحدود المعسكر في الاتحاد الأوروبي. كل حالة وفاة وعنف على الحدود هي سياسة من صنع الاتحاد الأوروبي بالاختيار والتصميم.
حصلت وكالة "فرونتكس" الآن على ميزانية بقيمة ٥.٦ مليار يورو حتى عام ٢٠٢٧، وبحلول ذلك الوقت، سيكون لديها جيشها الخاص المكون من ١٠،٠٠٠ من حرس الحدود المسلحين. كما ستتمتع بسلطة أكبر من أي وقت مضى في تنسيق عمليات الترحيل على مستوى الاتحاد الأوروبي. في الوقت عينه، بنت أوروبا الآن أكثر من ١٠٠٠ كيلومتر من الجدران والأسوار الحدودية. يتم "حماية" حدود الاتحاد الأوروبي المعسكرة من خلال المراقبة المكثفة المتصلة بقواعد البيانات المليئة بالمعلومات الشخصية - البيومترية. ولمنع الناس حتى من الوصول إلى الأراضي الأوروبية، تتعرض دول أخرى لضغط شديد كي تعمل كحرس حدود في قاعدة أمامية.
هذه السياسات مبنية على سرد يؤطر الهجرة على أنها مشكلة أمنية، وتصور الأشخاص اليائسين المتنقلين على أنهم تهديد. ولقد تم تصميمها بالتعاون الوثيق مع الصناعة العسكرية والأمنية، التي تحقق أرباحًا بمليارات اليورو نتيجة لذلك.
هذه السياسات لا تحمي الأرواح بل تعرضها للخطر. إنها تغذي صعود اليمين المتطرف في أوروبا، تعزز العنصرية، وتبني على قرون من الاستعمار والقمع والاستغلال.
في الوقت نفسه، يواصل الاتحاد الأوروبي المساهمة في الأسباب الجذرية للهجرة - من تصدير للأسلحة إلى استخراج الموارد إضافة إلى مسؤوليته المباشرة عن الأزمة المناخية.
"فورترس يوروب" تملأنا بالعار وتقمع الحقوق وتمنع العدالة. لكن لا يجب أن تكون الأمور على هذا النحو.
اليوم، يجتمع الناشطين والمنظمات من داخل الاتحاد الأوروبي وخارجه على مطلب واحد: إلغاء وكالة "فرونتكس" والنظام الذي تتزعمه.
لا نريد أن نرى المزيد من الأرواح تُزهق في البحر أو في الصحراء؛ أرواح ضائعة في الاحتجاز أو في المخيمات غير الإنسانية. نحن نصارع عالماً مقسماً، على نحو متزايد، بحدود محصنة لحماية ثروة الأغنياء من اليأس والغضب الفقراء والمضطهدين المحقّ.
نحن نؤمن بحريّة التنقل للجميع، في تقديم الدعم والمأوى للأشخاص المتنقلين، وفي العمل من أجل عالم لا يُجبر فيه الناس على الفرار من ديارهم بل يعيش الإنسان فيه حيث يختار.
في هذا السياق، لا يمكن إصلاح "فرونتكس" إنما يجب إلغاؤها. وبصفتنا الموقعين على هذه الرسالة، نتعهد بالتزامنا بهذا الهدف. لا توجد أعذار أو تحقيقات أو إصلاحات يمكن أن تبرر وجود هذه الوكالة.
نحن نطالب بتفكيك الهياكل والسياسات التي تسبب العنف والموت. والأحرى بنا أن نبني نظامًا يضمن العدالة والسلامة للجميع. لذا، نطالبكم بإلغاء "فرونتكس" وإنهاء نظام حدود الاتحاد الأوروبي الذي تمثله.