"عندما كبلوا أيدينا وقبدوا أرجلنا بالسلاسل، ظننا أننا سننقل إلى مخيم آخر للمهاجرين. لم نكن نعرف إلى أين يصطحبونا حتى صعدنا على متن الطائرة العسكرية الأمريكية وأُخبرنا أننا سنُرحل، هكذا قال هارويندر سينغ، أحد الهنود الـ104 الذين وصلوا على متن طائرة الترحيل إلى أمريتسار يوم الأربعاء (5 فبراير).
وأخبر هارويندر صحيفة "ذا واير" أنه بمجرد دخولهم الطائرة، أُجلس المرحلون المكبلين والمقيدين بالسلاسل متواجهين، وظلوا مقيدين حتى عندما طلبوا استخدام دورة المياه.
وأضاف "كانت صدمة تلو الأخرى لنا... توسلنا للمسؤولين الأمريكيين لإزالة الأصفاد حتى نشرب الماء ونستخدم دورة المياه، لكنهم لم يستجيبوا."
ينحدر المرحلون، الذين أُعتقلوا لدخولهم الولايات المتحدة دون وثائق، من مناطق مختلفة في الهند، لكن معظمهم من غوجارات وهاريانا والبنجاب. استجوب رجال الأمن القادمون من البنجاب في مطار سري غورو رامداس جي الدولي في أمريتسار يوم الأربعاء قبل الإفراج عنهم في وقت متأخر من الليل.
شارك رئيس دورية الحدود الأمريكية يوم الخميس مقطع فيديو للمرحلين الهنود، وهم يُقادون إلى طائرة عسكرية من طراز C-17 مكبلين بالأصفاد والسلاسل، مما يؤكد ادعاءاتهم بتقييدهم.
قال هارويندر إن المسؤولين فكوا قيوده في مطار أمريتسار وأخبروه أنه ممنوع من دخول الولايات المتحدة لمدة خمس سنوات.
وأضاف "تملكني شعور بالعجز والضياع، وأنا أحاول أن أستوعب إن كنت أعيش كابوساً أم واقعاً مريراً."
نساء أيضاً بين "المقيدين" على متن الرحلة العسكرية:
في حين صرح وزير الشؤون الخارجية إس. جايشانكار في البرلمان يوم الخميس أن السياسة الفيدرالية الأمريكية لا تتضمن "تقييد" النساء المبعدات من الولايات المتحدة، قالت إحدى النساء المرحلات على متن الرحلة العسكرية إنها كانت مكبلة اليدين ومقيدة الساقين، بينما أخبر قريب لامرأة أخرى صحيفة "ذا واير" أنها كانت مكبلة وتعرضت لإصابات.
أخبر أحد أقارب منجيت كور من أمريتسار صحيفة "ذا واير" أن يديها وقدميها كانتا متورمتين، إذ اصطحبتها عائلتها إلى العيادة بعد عودتها إلى المنزل.
وأضاف القريب "عندما عادت منجيت إلى المنزل حوالي الساعة 9:30 مساءً، كانت تعاني من تورم وإصابات طفيفة في يديها وقدميها، وكانت في حالة صدمة بسبب ترحيلها والرحلة التي استمرت 40 ساعة، ثم اصطحبتها عائلتها إلى الطبيب وحصلت على بعض الأدوية لعلاج التورم.
وتابع قائلاً "كُبلت جميع النساء المرحلات بالأصفاد وقُيدت أرجلهن بالسلاسل مثل الرجال المرحلين، غير أن الأطفال لم يتعرضوا للتقييد.
في سياق متصل، أخبرت لوفبريت كور من منطقة كابورتالا في البنجاب، التي وصلت على متن الرحلة العسكرية مع ابنها، صحيفة أجيت أنها تعرضت للمعاملة نفسها،
إذ قالت: "كُبلت يدي وقُيدت ساقي بالسلاسل. وقد تلقى الجميع نفس المعاملة، ثم اقتادونا معاً إلى الطائرة العسكرية الأمريكية حيث علمنا بأمر ترحيلنا."
وكانت لوفبريت قد أنفقت مبلغ 1.5 كرور روبية للانضمام إلى زوجها في الولايات المتحدة عبر ما يسمى بـ "طريق التهريب".
فقد بدأت رحلتها إلى الولايات المتحدة في الأول من يناير هذا العام ووصلت إلى البلاد في 27 يناير، لتُرحل في غضون عشرة أيام من وصولها.
قد أخبرت وسائل الإعلام أنها، مثل كثيرين غيرها، سافرت إلى الولايات المتحدة عبر دول أوروبية باستخدام تأشيرة شنغن.
كما أكد بعض الرجال المرحلين أن النساء كن مكبلات بالأصفاد. قال جاسكاران سينغ، البالغ من العمر 34 عاماً، والمقيم في كابورتالا، الذي تم ترحيله أيضاً على متن الطائرة العسكرية الأمريكية: "كُبلت جميع النساء في الرحلة بالأصفاد وقُيدت أرجلهن بالسلاسل، غير أنهم استثنوا الأطفال من ذلك." غير أنهم أشفقوا على الأطفال.
محتجزون في مخيم للمهاجرين على الحدود الأمريكية المكسيكية قبل ترحيلهم إلى الهند
يروي جاسكاران "قام رجال شرطة الحدود الأمريكية بتقييدنا بالأصفاد في مخيم المهاجرين على الحدود الأمريكية المكسيكية، وعندما شاهد الأطفال من عائلة گجراتية ما يفعله رجال الشرطة، انفجروا بالبكاء خوفًا، واستغرق الأمر وقتًا حتى نجح والداهم في تهدئتهم."
وأضاف أن فترة إقامته في مخيم المهاجرين كانت أشبه "بالتعذيب".
وادعى جاسكاران: "لم يسمحوا لنا بالنوم، فقد كان رجال شرطة الحدود يقرعون الأبواب بعنف، كنا نقيم في مخيم مؤقت، يضم نحو 50 شخصًا في مساحة لا تتجاوز حجم غرفة عادية... وكانوا يقدمون لنا رقائق ليز والتفاح للطعام، ولحسن الحظ، كانت دورات المياه مقبولة."
أما هارويندر، الذي أشار إلى أنه لم يعلم بأمر ترحيله إلا عند صعوده الطائرة العسكرية، فقال إن المرحلين كانوا في حيرة من أمرهم بشأن مستقبلهم أثناء وجودهم في المخيم. وأضاف "لم نكن نعرف شيئًا، الجميع كان في حالة ضياع".
"بعنا الأراضي الزراعية والذهب لتمويل الرحلة إلى أمريكا"
قالت كولجيندر كور، زوجة هارويندر، إن عائلتهم أنفقت 42 لاك روبية لتمويل رحلة زوجها إلى أمريكا.
وأضافت "أنفقنا 42 لاك روبية لإرسال زوجي إلى أمريكا، وبعنا في سبيل ذلك فدانًا من الأرض الزراعية وذهبي، لقد خدعونا." وأشارت إلى أن أعضاء من مجلس قريتها رافقوها إلى مركز الشرطة المحلي لاستقبال زوجها.
كما انتقدت صمت حكومة مودي قائلة: "إذا كانوا عاجزين عن توفير عمل لائق وفرص توظيف للناس في وطنهم، فعليهم على الأقل أن يدافعوا عن الذين يحاولون تحسين حياتهم بأنفسهم، من المذهل أن حكومة مودي وحكومة حزب عام آدمي التزمتا الصمت خلال هذه الفترة. كان ينبغي عليهم أن يتحدثوا نيابة عنا."
يقول جاسكاران، المنحدر من عائلة تعمل بالزراعة، إنه يواجه الآن مستقبلًا قاتمًا بعد أن أصبح مثقلًا بديون تبلغ 45 لاك روبية، وأضاف: "أنا أصغر أفراد العائلة والأخ الوحيد لأربع شقيقات. والداي المسنان في حالة حزن وإحباط شديدين، سوء حظ، ماذا عساي أن أقول غير ذلك."
وذكر جاسكاران أن رحلته إلى أمريكا عبر ما يُعرف بـ "طريق التهريب" بدأت في 19 يوليو 2024، ووصل إلى البلاد في 24 يناير 2025.
وأوضح أنه ومجموعة تضم نحو ثمانية آخرين من البنجاب - جميعهم رُحلوا يوم الأربعاء - دفعوا 45 لاك روبية لكل شخص لوكيل سفر مقره دبي.
سافرت المجموعة جواً من أمريتسار إلى دبي ثم إلى جنوب أفريقيا والبرازيل. ومن البرازيل، سافروا بالحافلة، وعبروا الأنهار والتلال والمناطق المستنقعية والغابات سيراً على الأقدام، مروراً ببوليفيا وبيرو والإكوادور وكولومبيا وبنما وكوستاريكا ونيكاراغوا وهندوراس وغواتيمالا وأخيراً المكسيك.
وقال: "عبرنا نحو 13 دولة، فقط لنطوف العالم ونعود إلى ديارنا خالي الوفاض، والمؤسف أن وكيلنا، الذي ظل على اتصال بنا طوال هذه الفترة، لم يخبرنا أبداً عن" سياسات الهجرة الصارمة التي يتبعها الرئيس الأمريكي دونالد ترامب. "وعدنا وكيلنا بأننا سنصل إلى أمريكا خلال شهر واحد، لكننا استغرقنا ستة أشهر لعبور الحدود الأمريكية." وفي حادثة أخرى، اختفى ديفيندرجيت، أحد المرحلين من جالاندار، من منزله في الساعات الأولى من فجر يوم الخميس، وحتى كتابة هذا التقرير، كانت والدته المسنة وأهل القرية يحاولون العثور عليه.
وقال جاسبال سينغ، أحد المرحلين الذين كانوا على متن الطائرة، لصحيفة "ذا واير": "لا يقتصر الأمر على كونه نكسة كبيرة - فنحن نواجه خسارة مالية فادحة - بل إن المحنة التي واجهناها في رحلة استمرت 40 ساعة حطمتنا أيضاً."
ومثل الآخرين، دفع جاسبال، المنحدر من منطقة غورداسبور، 30 لاك روبية لوكيل لإرساله إلى أمريكا. مكث في البرازيل ستة أشهر خلال رحلته وعبر الحدود الأمريكية في يناير من هذا العام، حيث اعتقلته شرطة الحدود الأمريكية ورحلته خلال 11 يوماً.